بدأت وزارة الصحة أخيراً، بالتوازي مع إطلاق «الخطة الوطنية لمكافحة السرطان»، العمل على تحديث سجلّ الإصابات بالمرض بعد توقف منذ عام 2016، على أن تتضح الصورة خلال تموز المقبل أو بحلول نهاية السنة الجارية، بحسب رئيسة برنامج الترصد الوبائي في الوزارة الدكتورة ندى غصن.
غير أن الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية أصدرت، أخيراً، تقريراً عن الإصابات بالسرطان في لبنان خلال خمس سنوات (2017 - 2022)، كشف أن عدد من أصيبوا بالمرض خلال هذه الفترة بلغ 33 ألفاً و576 حالة، منها 13 ألفاً و34 إصابة (38% من الإجمالي) سُجّلت عام 2022 فقط، فيما بلغ عدد الوفيات 7 آلاف و307، وتساوت نسب المصابين بين الذكور والإناث تقريباً (6593 حالة من الذكور مقابل 6441 من النساء عام 2022). أما تراتبية الأنواع السرطانية فلم تتعدّل نسبياً، إذ بقي سرطان الثدي في المرتبة الأولى بنسبة بلغت 16,6% من عدد الإصابات (2161) ثم سرطان الرئة بمعدّل 12% (1566) والبروستات بنسبة 8.3% (1083) والقولون بنسبة 7.7% (1005) والمثانة بنسبة 5.4% (703).
وإذا كانت لسرطان الثدي خصوصية تتعلّق بعامل الوراثة الذي يساهم في زيادة نسب الإصابة، إضافة إلى عوامل أخرى، إلا أن ما تشترك به الأنواع الأخرى الأكثر شيوعاً في لبنان هي عوامل صنعها الإنسان نفسه، وفي مقدّمها التدخين ثم تلوث الهواء والمياه والغذاء. وإذا كان عدد الإصابات بالسرطان يتجه صعوداً في كل دول العالم، بحسب منظمة الصحة العالمية، إلا أنه في لبنان أسرع نشاطاً، وهو ما يعتبره الدكتور ناجي الصغير، مدير مركز علاج سرطان الثدي في معهد نايف باسيل للسرطان في الجامعة الأميركية في بيروت، «أمراً بديهياً وطبيعياً بالنظر إلى عوامل الخطر المحيطة بنا».
العوامل القاتلة
بحسب إحصاء موقع «World population review» عن التدخين لعام 2022، يأتي لبنان في المرتبة الأولى بين الدول العربية في ما يتعلّق بنسب المدخنين (34.3% من السكان)، فيما كان قبل الأزمة في المركز العاشر عالمياً. ولأن الأرقام تشير إلى أن أكثر من ثلث الشعب اللبناني مدخنون «يصبح من الطبيعي أن يقترب لبنان من المرتبة الأولى عالمياً في الإصابة بأورام المثانة التي ترتبط بشكلٍ أساسي التدخين»، بحسب وزير الصحة العامة، فراس أبيض. والأمر نفسه ينطبق أيضاً على سرطان الرئة «الذي يحصد اليوم شباباً في الأربعين والخمسين من العمر بسبب التدخين»، بحسب طبيبة أورام الرئة نجاة حيدر. ويلفت الصغير إلى أن التدخين والتلوّث «يعرّضان الخلايا الجيدة في الجسم للسموم باستمرار، ما يعرّضها للتلف، وعدم القدرة على تجديد نفسها بسبب ديمومة عامل الخطر».
انقطاع المرضى عن تناول علاجاتهم لا تظهر آثاره اليوم وإنما ستكون «المفاجأة» بعد سنوات
وبيّنت دراسة أجريت حديثاً في الجامعة الأميركية في بيروت حول نسبة تلوث الهواء المرتبطة بمولّدات الطاقة في مدينة بيروت في السنوات العشر الأخيرة ارتفاع نسب التلوث من 23% إلى 50% في المناطق التي أجريت عليها الدراسة، ما يعني زيادة خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 30%، بحسب معدّة الدراسة الدكتورة نجاة صليبا.
يعني ذلك أن السرطان يستشرس، فيما تشترك معه الدولة في القتل، بسبب غيابها عن أحوال السرطان التي أضيف إليها ما سبّبته الأزمة الأخيرة من انقطاع المرضى عن تناول علاجاتهم «وهو ما لا تظهر آثاره اليوم وإنما ستكون المفاجأة بعد سنوات»، يحسم الصغير.
اللبنانيون يدخّنون 56 مليون علبة شهرياً
تشير إحصاءات مؤسسة «إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية» (الريجي) إلى أنها توزّع في السوق اللبناني، شهرياً، 55 مليون علبة سجائر بمعدّل مليون و834 ألف علبة يومياً، إضافة إلى حوالى أربعة ملايين علبة شهرياً من التبغ المسخّن والمنكّه.
استيراد المولّدات زاد 300%
تشير إحصاءات إدارة الجمارك اللبنانية حول استيراد مولّدات الطاقة الكهربائية إلى ارتفاع كبير خلال سنوات الأزمة التي رافقها انقطاع حاد في التيار الكهربائي. وبحسب الإحصاءات، زاد استيراد المولدات العاملة على الديزل في السنوات الأربع الماضية (بين 2020 وآب 2023)، 80.27 من 4167 مولّداً عام 2020 إلى 20 ألفاً حتى آب 2023، بزيادة تبلغ أكثر من 300%.