ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده،
خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس. بعد الإنجيل، ألقى عظة قال
فيها: "ها نحن نقف عند عتبة الصوم الأربعيني الكبير المقدس، وينفتح أمامنا
"ميدان الفضائل" إلى دخوله "متمنطقين بجهاد الصوم الحسن".
أضاف:
"لذلك يا أحبة، على اللبنانيين أن يستغلوا فترة الصوم أولا للصلاة من أجل
بلدهم الحبيب وإخوتهم المواطنين، وثانيا من أجل أن يعتادوا على ضبط النفس
والحواس واللسان تجاه الآخر الذي يحمل رأيا مختلفا، مهما كان رأيه أو دينه
أو انتماؤه.
مشكلتنا، التي عبر عنها إنجيل اليوم، أن البشر يتأثرون
برأي الزعماء وأولياء النعمة وينجرون إلى الأحقاد والصراعات والأنانيات،
وينسون أنهم بذلك يستعبدون أنفسهم للمخلوق عوض الخالق. في كل بلدان العالم
ثمة أحزاب، إلا أن فئات الشعب لا تتصارع بسبب الانتماء الحزبي ولا تتقاتل
وتهدد بعضها بعضا، بل نجد أعضاء الأحزاب والمرشحين إلى الانتخابات يتناظرون
بالعقل والمنطق، ويتنافسون على خدمة الشعب، والشعب يختار ما يناسبه،
مستخدما المنطق والإرادة الحرة والتغييرية في صناديق الإقتراع. في العالم
الزعماء يخشون الشعب لا العكس، فلماذا لا يستغل شعبنا القوة التغييرية،
بدلا من قوة الجسد والتجريح أو السلاح؟
الوعي مطلوب من الشعب،
والخروج من الهاوية التي أوصلنا إليها ذوو السلطة والمال لا يصير إلا
باتحاد الشعب حول فكرة وحيدة، هي فكرة الحفاظ على هذا البلد، وطنا لكل
أبنائه، وطنا تحكمه القوانين وتسود فيه العدالة والمساواة، فلا تتحكم فئة
بأخرى، ولا تفرض جهة مفاهيمها على الآخرين، ولا تقدم فئة ارتباطاتها على
المصلحة العامة، ولا تتعدى أي فئة على سيادة الدولة وتصادر قرارها أو تمنع
عنها اتخاذ القرارات. من هنا ضرورة وجود رؤية سياسية اقتصادية واضحة، تنطلق
من المصلحة العامة، وتطبق دون استنسابية أو انتقائية، ولا تربط مصير لبنان
واللبنانيين بأي مصلحة خارجية أو صراعات لا مصلحة لنا فيها".
وختم:
"الصوم بكلام الرب إلى إشعياء النبي: "أليس هذا صوما أختاره: حل قيود
الشر، فك عقد النير، وإطلاق المسحوقين أحرارا، وقطع كل نير. أليس أن تكسر
للجائع خبزك، وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك؟ إذا رأيت عريانا أن
تكسوه، وأن لا تتغاضى عن لحمك" (58: 6 و7). الصوم يجب أن يكون مقرونا بمحبة
القريب وأن يتضمن سعيا وراء البر الحقيقي (وراء القداسة). الإنسان هو
الهدف الأول لكل عمل صالح، قبل الحجر وقبل أي فكرة مهما سمت. بارككم الرب،
ورافقكم في مسيرتكم الجهادية نحو الفصح المجيد. دعاؤنا أن نشهد قيامة
لبناننا بازغة في الربيع المقبل، ببركة قيامة مسيحنا ومخلصنا من الموت".
|