لم تكن ولادة الحكومة لبنانية مئة في المئة، بعدما ظهر أن لواشنطن تأثيرها في تزكية الوزراء، وقد دققت في سيرهم العلمية والسياسية. وخضعت لهذا الامتحان مجموعة كبيرة من الأسماء المرشحة التي وصلت إلى بريد الرئيسين جوزف عون ونواف سلام. وبعد تجاوز قطوع التأليف، تتجه الأنظار إلى البيان الوزاري الذي ستراعي بنوده بالطبع المناخات الدولية وتأثيرها على لبنان بعد الحرب الأخيرة.
تؤكد مصادر ديبلوماسية أنه فيما كان سلام يغربل أسماء تشكيلته، كانت كلها محل متابعة وتدقيق، وقد ترجمت خياراتها الموفدة مورغان أورتاغوس التي لم تقتصر زيارتها على وقف النار في الجنوب وتطبيق الـ 1701. وفي حسابات الربح والخسارة عند كل فريق، يمكن التوصل إلى الخلاصات الآتية:
- يثبت سلام المعني الأول بالحكومة أنه مارس مقاربة تختلف عمن سبقوه، إذ لم يسمح للكتل الحزبية أن تكون صاحبة السبق في التسمية، بل ناط به هذه المهمة بنسبة كبيرة، مستفيداً من جملة عوامل. وعلى الصعيد السني، كان صاحب الكلمة الأولى في الوزراء الأربعة الذين اختارهم، رغم سيل من الضغوط النيابية والمناطقية التي انهالت عليه واعترضت على أسلوبه.
- بالنسبة إلى الرئيس نبيه بري، فقد ثبت وزارة المال لياسين جابر بعدما واجه ما واجه من رفض وعواصف، وبقي على الجملة التي قالها لسلام منذ اليوم الأول: "ياسين لحقيبة المال". وسمّى تمارا الزين لوزارة البيئة من دون اعتراض، وبقي رافعا الفيتو على الاسم الشيعي الخامس إلى الدقيقة الأخيرة التي سبقت توقيع عون وسلام مرسوم التأليف. ولم يكن طرح فادي مكي لوزارة التنمية الإدارية محل اعتراض عند "الثنائي". وفي اتصال لمكي ببري، شكره على تأييده له على قاعدة "أن العين لا تعلو فوق الحاجب". ويبقى الوزيران ركان ناصر الدين ومحمد حيدر من حصة "حزب الله"، ولو أنهما لا يحملان بطاقة حزبية، بل ينتميان إلى أسرة الجامعة الأميركية.
ولم تعترض قيادة الحزب على هذا المخرج في ظل كل الضغوط التي تحاصره.
- في إمكان حزب "القوات اللبنانية" أن يخرج أمام جمهوره ويقول إنه نال 4 وزراء و"حبة مسك". وكان لافتا أنه لم يعترض على حصول كمال شحادة على حقيبة المهجرين وانتقال الاتصالات إلى شارل الحاج، علما أن الأخير ليس بعيداً من "هواء القوات". وفي المعلومات أن الدكتور سمير جعجع نسق مع بكركي لتكون الاتصالات من نصيب الحاج. وتربط "القوات" أيضا علاقة جيدة بوزير الإعلام بول مرقص والوزيرة حنين السيد من خلال زوجها الذي يدور في فلك "القوات". وثمة من أخذ على جعجع اجتماعه أمس بالوزراء المحسوبين عليه قبل الصورة التذكارية.
ويقول قيادي في "القوات" إن الامتحان الثاني يتمثل في البيان الوزاري، ولا يريد التوقف عن الاعتراض على توزير جابر ونيله المالية.
- حقق الحزب التقدمي الاشتراكي ما أراده من خلال حجزه وزارتي الأشغال والزراعة. وحجز حزب الكتائب حقيبة العدل، مع استبعاد "التيار الوطني الحر" من الحكومة لجملة من الأسباب، ولم يكن سلام متحمساً أساسا لضمه إلى التشكيلة، ولم يعرض عليه أي حقيبة، على عكس كل ما تردد في هذا المجال.
وإذا كان لا وجود للحزبيين في الحكومة، فإن الحسم في ملفات ساخنة على طاولة الحكومة سيبيّن ما إذا كان هناك من يعودون إلى مرجعياتهم الحزبية.
رضوان عقيل - "النهار"
|